هداية القران للبشرية

سورة الإسراء

إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا {٩}

إن هذا القرآن المنزل على محمد ﷺ يدل على أحسن السُّبُل وهي سبيل الإسلام، ويخبر المؤمنين بالله الذين يعملون الأعمال الصالحات بما يسرهم، وهو أن لهم ثوابًا عظيمًا من الله.

وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا {١٠}

ويخبر الذين لا يؤمنون بيوم القيامة بما يسوؤهم، وهو أنّا أعددنا لهم يوم القيامة عذابًا موجعًا.

وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا {١١}

ويدعو الإنسان لجهله على نفسه وولده وماله عند الغضب بالشرور، مثل دعائه لنفسه بالخير، فلو استجبنا دعاءه بالشر لهلك، وهلك ماله وولده، وكان الإنسان مجبولًا على العجلة، ولذا فإنّه قد يتعجّل ما يضرّه.

وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا {١٢}

وخلقنا الليل والنهار علامتين دالتين على وحدانية الله وقدرته، لما فيهما من الاختلاف في الطول والقصر والحرارة والبرودة، فجعلنا الليل مظلمًا للراحة والنوم، وجعلنا النهار مضيئًا يبصر فيه الناس فيسعون لمعاشهم، رجاء أن تعلموا بتعاقبهما عدد السنين، وما تحتاجون إليه من حساب أوقات الشهور والأيام والساعات، وكل شيء بيَّناه تبيينًا لتتميز الأشياء، ويتضح المُحِقُّ من المُبْطِل.

وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا {١٣}

وكل إنسان جعلنا عمله الصادر عنه ملازمًا له ملازمة القلادة للعنق، لا ينفصل عنه حتى يُحاسَب عليه، ونخرج له يوم القيامة كتابًا فيه جميع ما عمل من خير وشر يجده أمامه مفتوحًا مبسوطًا.

اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا {١٤}

ونقول له يومئذ: اقرأ - أيها الإنسان - كتابك، وتولَّ حساب نفسك على أعمالك، كفى بنفسك يوم القيامة محاسبًا لك.

مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا {١٥}

من اهتدى إلى الإيمان فثواب هدايته له، ومن ضل فعقاب ضلاله عليه، ولا تتحمل نفس ذنب نفس أخرى، وما كنا معذبين قومًا حتى نقيم عليهم الحجة بإرسال الرسل إليهم.