دعوة القرآن والكتب السابقة واحدة

سورة العنكبوت

وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {٤٦}

ولا تحاوروا - أيها المؤمنون - ولا تخاصموا اليهود والنصارى إلا بالأسلوب الأحسن والطريقة المثلى وهي الدعوة بالموعظة والحجج البينة، إلا الذين ظلموا منهم بالعناد والمكابرة، وأعلنوا الحرب عليكم، فقاتلوهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وقولوا لليهود والنصارى: آمنا بالذي أنزل الله إلينا من القرآن، وآمنا بالذي أنزل إليكم من التوراة والإنجيل، وإلهنا وإلهكم واحد لا شريك له في ألوهيته وربوبيته وكماله، ونحن له وحده منقادون متذللون.

وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ {٤٧}

وكما أنزلنا الكتب على من قبلك أنزلنا عليك القرآن، فبعض هؤلاء الذين يقرؤون التوراة - مثل عبد الله بن سلام - يؤمنون به، لما يجدونه من نَعْتِه في كتبهم، ومن هؤلاء المشركين من يؤمن به، وما يكفر بآياتنا إلا الكافرون الذين دأبهم الكفر والجحود للحق مع ظهوره.

وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ {٤٨}

وما كنت - أيها الرسول - تقرأ قبل القرآن أي كتاب، وما كنت تكتب شيئًا بيمينك، لأنك أُمِّي لا تقرأ ولا تكتب، ولو كنت تقرأ وتكتب لشكّ الجهلة من الناس في نبوتك، وتذرّعوا بأنك كنت تكتب عن الكتب السابقة.

بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ {٤٩}

بل القرآن المنزل عليك آيات واضحات في صدور الذين أعطوا العلم من المؤمنين، وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون لأنفسهم بالكفر بالله والشرك به.

وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ {٥٠}

وقال المشركون: هلَّا أنزل على محمد آيات من ربه مثل ما أنزل على الرسل من قبله، قل - أيها الرسول - لهؤلاء المقترحين: إنما الآيات بيد الله سبحانه، ينزلها متى شاء، وليس إليّ إنزالها، وإنما أنا نذير لكم من عقاب الله، واضح النذارة.

أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {٥١}

أولم يكف هؤلاء المقترحين للآيات أنا أنزلنا عليك - أيها الرسول - القرآن يقرأ عليهم، إن في القرآن المنزل عليهم لرحمة وعظة لقوم يؤمنون، فهم الذين ينتفعون بما فيه، فما أنزل عليهم خير مما اقترحوه من نظير ما أنزل على الرسل سابقًا.

قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {٥٢}

قل - أيها الرسول - كفى بالله سبحانه شاهدًا على صدقي فيما جئت به، وعلى تكذيبكم به، يعلم ما في السماوات ويعلم ما في الأرض، لا يخفى عليه شيء فيهما، والذين آمنوا بالباطل من كل ما يعبد من دون الله، وكفروا بالله المستحق وحده للعبادة، أولئك هم الخاسرون، لاستبدالهم الكفر بالإيمان.