ومثل ما أنزلنا من قصص السابقين أنزلنا هذا القرآن بلسان عربي مبين، وبيَّنا فيه أنواع الوعيد من تهديد وتخويف، رجاء أن يخافوا الله، أو ينشئ لهم القرآن موعظة واعتبارًا.
الخطيئة الأولى
سورة طه
سورة طه
ومثل ما أنزلنا من قصص السابقين أنزلنا هذا القرآن بلسان عربي مبين، وبيَّنا فيه أنواع الوعيد من تهديد وتخويف، رجاء أن يخافوا الله، أو ينشئ لهم القرآن موعظة واعتبارًا.
فتعالى الله وتقدّس وجَلَّ، الملك الذي له ملك كل شيء، الذي هو حق وقوله حق، تعالى عما يصفه به المشركون، ولا تسرع - أيها الرسول - بقراءة القرآن مع جبريل قبل أن ينهي إليك إبلاغه، وقل: رب زدني علمًا إلى ما علّمتني.
ولما ذكر الله قصة موسى وما اشتملت عليه من إعراض فرعون وغفلة بني إسرائيل، ذكر قصة آدم عليه السلام حثًّا على رجوع من نسي إلى طاعة الله فقال: ولقد وصينا آدم من قبل بعدم الأكل من الشجرة، ونهيناه عن ذلك، وبيّنا له عاقبته، فنسي الوصية وأكل من الشجرة، ولم يصبر عنها، ولم نر له قوة عزم على حفظ ما وصيناه به.
واذكر - أيها الرسول - إذ قلنا للملائكة: اسجدوا لآدم سجود تحية، فسجدوا كلهم إلا إبليس - الذي كان معهم ولم يكن منهم - امتنع من السجود تكبرًا.
فقلنا: يا آدم، إن إبليس عدوّ لك وعدو لزوجك، فلا يخرجنّك أنت وزوجك من الجنة بطاعته فيما يوسوس به، فتتحمّل أنت المشاقّ والمكاره.
إن لك على الله أن يطعمك في الجنة فلا تجوع، ويكسوك فلا تعرى.
وأن يسقيك فلا تعطش، ويظلك فلا يصيبك حر الشمس.
فوسوس الشيطان إلى آدم، وقال له: هل أرشدك إلى شجرة مَن أكل منها لا يموت أبدًا، بل يبقى حيًّا مُخَلَّدًا، ويملك ملكًا مستمرًّا لا ينقطع ولا ينتهي؟!
فأكل آدم وحواء من الشجرة التي نُهِيا عن الأكل منها، فظهرت لهما عوراتهما بعد أن كانت مستورة، وشرَعا ينزعان من أوراق شجر الجنة، ويستران بها عوراتهما، وخالف آدم أمر ربه إذ لم يمتثل أمره باجتناب الأكل من الشجرة، فتعدّى إلى ما لا يجوز له.
ثم اختاره الله وقبل توبته، ووفّقه إلى الرشاد.
قال الله لآدم وحواء: انزلا من الجنة أنتما وإبليس، فهو عدو لكما وأنتما عدوان له، فإن جاءكم مني بيان لسبيلي: فمن اتبع منكم بيان سبيلي وعمل به ولم ينحرف عنه، فلا يضلّ عن الحق، ولا يشقى في الآخرة بالعذاب، بل يدخله الله الجنة.
ومن تولّى عن ذكري ولم يقبله، ولم يستجب له فإن له معيشة ضيقة في الدنيا وفي البَرْزَخ، ونسوقه إلى المحشر يوم القيامة فاقد البصر والحجة.
يقول هذا المُعْرِض عن الذكر: يا رب، لم حشرتني اليوم أعمى، وقد كنت في الدنيا بصيرًا.
ومثل هذا الجزاء نجزي من انهمك في الشهوات المحرَّمة، وأعرض عن الإيمان بالدلائل الواضحة من ربه. ولعذاب الله في الآخرة أفظع وأقوى من المعيشة الضَّنْك في الدنيا والبَرْزَخ وأدوم.
قال الله تعالى ردًّا عليه: مثل ذلك فعلتَه في الدنيا، فقد جاءتك آياتنا فأعرضت عنها وتركتها، وكذلك فإنك تُتْرَك اليوم في العذاب.