نبي الإسلام رحمة للعالمين
سورة الأنبياء
ولما قال المشركون: (إنّ عيسى والملائكة الذين عُبِدوا سيدخلون النار) قال الله: إن الذين سبق في علم الله أنهم من أهل السعادة مثل عيسى عليه السلام مبعدون عن النار.
لا يصل إلى سَمْعِهم صوتُ جهنم، وهم فيما اشتهته أنفسهم من النعيم والملذات ماكثون، لا ينقطع نعيمهم أبدًا.
لا يخيفهم الهول العظيم حين تطبق النار على أهلها، وتستقبلهم الملائكة بالتهنئة قائلين: هذا يومكم الذي كنتم توعدون به في الدنيا، وتبشّرون بما تلاقون فيه من النعيم.
يوم نطوي السماء مثل طيّ الصحيفة على ما فيها، ونحشر الخلق على هيئتهم التي خلقوا بها أول مرة، وعدنا بذلك وعدًا لا خُلْف فيه، إنا كنا منجزين ما نعد به.
ولقد كتبنا في الكتب التي أنزلناها على الرسل من بعد ما كتبناه في اللوح المحفوظ: أن الأرض يرثها عباد الله الصالحون العاملون بطاعته، وهم أمة محمد ﷺ.
إن فيما أنزلناه من الوعظ لبلاغًا لقوم عابدين ربهم بما شرعه لهم، فهم الذين ينتفعون به.
وما بعثناك - يا محمد - رسولًا إلا رحمة لجميع الخلق، لما تتصف به من الحرص على هداية الناس وإنقاذهم من عذاب الله.
- قل - أيها الرسول -: إنما يُوحى إلي من ربي أنما معبودكم بحق معبود واحد، لا شريك له وهو الله، فانقادوا للإيمان به، والعمل بطاعته.
فإن أعرض هؤلاء عما جئتهم به، فقل - أيها الرسول - لهم: أعلمتكم أنني وإياكم على أمر مستوٍ بيني وبينكم من المفاصلة، ولست أعلم متى ينزل بكم ما وعد الله به من عذابه.
إن الله يعلم ما أعلنتم من القول، ويعلم ما تكتمونه منه، لا يخفى عليه شيء من ذلك، وسيجزيكم عليه.
ولست أدري لعل إمهالكم بالعذاب اختبار لكم، واستدراج، وتمتيع لكم إلى أمد مقدّر في علم الله، لتتمادوا في كفركم وضلالكم.
قال رسول الله ﷺ داعيًا ربه: رب، افصل بيننا وبين قومنا الذين أصرّوا على الكفر بالقضاء الحق، وبربنا الرحمن نستعين على ما تقولون من الكفر والتكذيب.