وحدانية الله
سورة مريم
واتّخذ المشركون لهم معبودين من دون الله، ليكونوا لهم ظهيرًا ومعينًا ينتصرون بهم.
ليس الأمر كما زعموا، فهذه المعبودات التي يعبدونها من دون الله ستجحد عبادة المشركين لها يوم القيامة، وتتبرّأ منهم، وتكون لهم أعداء.
ألم تر - أيها الرسول - أنا بعثنا الشياطين، وسلّطناهم على الكفار تهيّجهم إلى فعل المعاصي والصد عن دين الله تهييجًا؟
فلا تعجل - أيها الرسول - بطلب الله أن يعجّل هلاكهم، إنما نحصي أعمارهم إحصاء، حتى إذا انتهى وقت إمهالهم عاقبناهم بما يستحقّون.
واذكر - أيها الرسول - يوم القيامة يوم نجمع المتقين ربهم - بامتثال أوامره واجتناب نواهيه - إلى ربهم وفدًا مكرمين مُعَزَّزين.
ونسوق الكفار إلى جهنم عطاشًا.
لا يملك هؤلاء الكفار الشفاعة لبعضهم إلا من اتّخذ عند الله في الدنيا عهدًا بالإيمان به وبرسله.
وقال اليهود والنصارى وبعض المشركين: اتخذ الرحمن ولدًا.
لقد جئتم - أيها القائلون بهذا - شيئًا عظيمًا.
تكاد السماوات تتشقّق من هذا القول المنكر، وتكاد الأرض تتصدّع، وتكاد الجبال تسقط منهدمة.
كل ذلك من أجل أن نسبوا للرحمن ولدًا، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.
وما يستقيم أن يتخذ الرحمن ولدًا لتنزّهه عن ذلك.
إن كل من في السماوات من الملائكة والإنس والجن إلا يأتي ربه يوم القيامة خاضعًا.
لقد أحاط بهم علمًا، وعدّهم عدًّا، فلا يخفى عليه منهم شيء.
وكل واحد منهم يأتيه يوم القيامة منفردًا لا ناصر له ولا مال.
إن الذين آمنوا بالله وعملوا الأعمال الصالحات المرضية عند الله، سيجعل لهم الله محبة بحبه إياهم، وبتحبيبهم إلى عباده.
فإنما يسّرنا هذا القرآن بإنزاله بلسانك - أيها الرسول - من أجل أن تبشّر به المتقين الذين يمتثلون أوامري، ويجتنبون نواهيّ، وتخوّف به قومًا أشداء في الخصومة والمكابرة في الإذعان للحق.
وما أكثر الأمم التي أهلكناها من قبل قومك، فهل تشعر اليوم بأحد من تلك الأمم؟! وهل تسمع لهم صوتًا خفيًّا؟! فما أصابهم قد يصيب غيرهم حين يأذن الله.